د. فؤاد بن يحي الهاشمي
متى نخلص من هذا الاقتباس الناشب!
لا نكاد ننتهي منه حتى يشع منه اقتباس، وكلما صغر الاقتباس: زاد توهجه، فهو اختيار من اختيار، فهو درة تاج الاقتباسات، والغريب أنه كان في آخر كلامه عن أدهم، فكأنه أراد ألا نفارقه إلا بختم التفرد والندور.
يقول عباس العقاد:
وقد استطاع الأستاذ أدهم أن يعجب بالساخر، دون أن يعدى، وأن يعجب بـ.. دون أن يكون مثله.
وهنا موطن الشاهد:
(وأن يعجب برجال العزم دون أن ينسى فضل التردد في تكوين الأفكار)
فضل التردد في تكوين الأفكار.
إنه كلام الكبار.
ولذا كانت العقائد في كل الملل: كلمات قلائل وحروف صغار.
ومن كان كيسه كله يقينيات وقطعيات فهو أمارة على سخافة عقله، ولاسيما لحظة تكوين الأفكار، التي التفت إليها العقاد، فهي لحظة ترديد وتنقيح ونظر.
وأيضا العلم ليس كله حق وضلال، هناك الملتبس، وهناك المختلط.
بل الحق نفسه ليس هو كل العلم، فهناك مقدماته وإشكالاته، فالحق لا يمثل إلا رأس المسألة، فهو أقل ما فيها.
بل من العلم ما هو خارج الأحكام، فهناك التصورات.
بل من العلم ما ليس بالحق أصلا، فهناك الخير والجمال.
وهلم معنا في مثلث الكمالات (الحق، الخير، الجمال).